الوجه الثقافي واللساني للهوية الأمازيغي
لا يشكل الأمازيغ وحدة
ترابية متواصلة جغرافيا، إذ يتوزعون على عدة دول في المغرب ومنطقة الساحل
الأفريقي جنوب الصحراء الكبرى، وقد ظلوا منذ القدم في تواصل مستمر مع عدة
ثقافات أخرى.
ولو أخذنا مثلا لذلك المغرب
العربي حيث يتركز الجزء الأكبر منهم، فإن التزاوج بين السكان الأصليين
والوافدين العرب بلغ من العمق درجة تجعل التمييز بين ما هو "ثقافة أصيلة"
وما هو ناتج عن التأثير العربي أمرا عسيرا.
وحسب أطروحة شائعة فإن
تجليات الثقافة الشمال أفريقية الأصيلة تختلف حدة باختلاف درجة التواصل
البشري والاقتصادي مع السكان الناطقين باللغة العربية.
ومن هذا المنطلق يذهب بعض
الباحثين إلى اعتبار الثقافة التارقية (الطوارق، أقصى جنوب الجزائر وليبيا
وشمال مالي والنيجر) مثالا على "ثقافة أمازيغية نموذجية" أفلتت من فلك
الانصهار مع الثقافة العربية.
وقد دفع الشبه بين عادات
البدو الأمازيغ والبدو العرب بالكثير من المؤرخين القدامى إلى الجزم خطأ
بأن جزءا من الأمازيغ ذوو أصول عربية يمنية.
كما أن مثال بني مزاب
(وسط الصحراء الجزائرية) وجزيرة جربة (تونس) يطعن هو الآخر في صحة هذه
النظرية، فالاحتكاك مع السكان الناطقين باللغة العربية (خاصة من خلال
الإقامة الدائمة في مدن ناطقة بالعربية) لا يمنع من كون بني مزاب وسكان
جربة مجموعتين منغلقتين على نفسهما نسبيا من الناحية الثقافية. والحقيقة
هي أن العامل
الديني (الانتماء إلى المذهب الخارجي الإباضي) هو التفسير الوحيد لهدا الانغلاق النسب]